41 عامًا على انقلاب 3 أبريل: كيف شكل هذا الحدث مستقبل غينيا؟

انقلاب 3 أبريل

بعد مرور 41 عامًا على الثالث من أبريل 1984، يظل هذا التاريخ نقطة تحول رئيسية في تاريخ غينيا السياسي. ففي هذا اليوم، أعلنت القوات المسلحة الغينية بقيادة العقيد لانسانا كونتي استلامها السلطة، منهية بذلك عهد الجمهورية الشعبية الثورية التي قادها الرئيس الراحل أحمد سيكو توري.

جاء هذا التحول في سياق فترة من الاضطراب السياسي بعد وفاة الرئيس سيكو توري في 26 مارس 1984، مما فتح الباب أمام صراع داخلي على السلطة بين النخبة الحاكمة آنذاك. ومع اشتداد التوترات، أعلنت الإذاعة الوطنية "صوت الثورة" في صباح الثالث من أبريل عن تشكيل "اللجنة العسكرية للتصحيح الوطني" (CMRN)، والتي تعهدت بإعادة هيكلة النظام السياسي والاقتصادي للبلاد.

في بيانه الأول، أكد النقيب فاسينيت توري، أحد أبرز أعضاء اللجنة، أن الهدف الرئيسي للانقلاب هو إنهاء الديكتاتورية وإرساء نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما تم الإعلان عن حل الحكومة والبرلمان، وتعليق العمل بالدستور، وفرض حظر التجول في جميع أنحاء البلاد.

لاقت هذه الخطوة ترحيبًا شعبيًا واسعًا، حيث خرج المواطنون إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم بانتهاء حقبة طويلة من الحكم القمعي. كما شهدت الأيام اللاحقة اعتقالات واسعة طالت كبار المسؤولين في النظام السابق، فيما تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة العقيد لانسانا كونتي.

تميزت السنوات الأولى من حكم كونتي بمحاولات لتحرير الاقتصاد من قبضة الدولة، حيث تم تبني سياسات اقتصادية ليبرالية وشُجعت الاستثمارات الخاصة. كما أطلق سراح المعتقلين السياسيين، في خطوة هدفت إلى تعزيز المصالحة الوطنية. غير أن النظام الجديد لم يكن بمنأى عن التحديات والصراعات الداخلية، حيث برزت خلافات حادة بين أعضاء الحكومة، لا سيما بين رئيس الوزراء العقيد ديارا تراوري وأعضاء اللجنة العسكرية.

في ديسمبر 1984، أقدم لانسانا كونتي على إقالة ديارا تراوري وحل منصب رئيس الوزراء، مما أدى إلى تصاعد التوترات داخل النظام. وبعد عام واحد فقط، وتحديدًا في يوليو 1985، شهدت البلاد محاولة انقلابية قادها ديارا تراوري، لكنها باءت بالفشل، ما أدى إلى تنفيذ حملة تطهير داخل الجيش والحكومة.

مع مرور الأعوام، واصل كونتي ترسيخ سلطته، حيث تم في عام 1990 تبني دستور جديد أرسى التعددية الحزبية، مما مهد الطريق لأول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ غينيا عام 1993، والتي فاز بها كونتي. وعلى الرغم من بعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية، إلا أن العقود التالية شهدت تدهورًا اقتصاديًا وارتفاعًا في معدلات الفساد، مما أدى إلى تآكل شعبية النظام.

في 22 ديسمبر 2008، توفي الجنرال لانسانا كونتي بعد 24 عامًا في الحكم، ليُطوى بذلك فصل طويل من التاريخ الغيني. اليوم، وبعد مرور 41 عامًا على انقلاب 3 أبريل، يبقى هذا التاريخ محفورًا في الذاكرة الوطنية باعتباره البداية لعهد جديد، مليء بالتحديات والإنجازات، لكنه لم يكن خاليًا من الأزمات والانقسامات السياسية التي لا تزال غينيا تعاني من تداعياتها حتى يومنا هذا.

تصنيف الخبر

محلية ، سياسية