التوازن بين الثقافة والدين: تراث غيني يجب الحفاظ عليه

مامادو توغ

في عالم تتصارع فيه الهويات والقيم، تبرز قضية العلاقة بين الثقافة والدين كموضوع محوري في المجتمع الغيني. وفي هذا السياق، يثير النائب في المجلس الوطني الانتقالي ممثل الثقافة، مامادو توغ، نقاشاً عميقاً حول الانسجام الضروري بين التراث الثقافي الغيني والقيم الإسلامية.

يستذكر مامادو توغ في حديثه كيف نشأ على إيقاع التقاليد الغينية، مغموراً بالقيم الثقافية التي تشكل مجتمعنا. "التندوري (المحبرة)، الكرابول (المكتبة)، الألوال (اللوح القرآني) والدفتري (القرآن) كانت الركائز الأساسية لتعليمنا في الدودال (المدرسة القرآنية)"، كما يقول. هذه الأدوات لم تكن مجرد أشياء مادية، بل كانت بوابة التعرف على الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

وينتقد النائب بشدة الاتجاه المقلق الذي يسعى إلى وضع الدين والثقافة في موقف متعارض، كما لو أن أحدهما يجب أن يمحو الآخر بالضرورة. ويؤكد أن "هذه الرؤية الخاطئة ناتجة عن تفسير متحيز ومتطرف للدين".

يستشهد مامادو توغ بالقرآن الكريم قائلاً: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً" (سورة البقرة، آية 143). ويضيف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يدعُ قط إلى محو الثقافات المحلية، بل شجع على تناغمها مع القيم الإسلامية، مع التأكيد على المطابقة والأصالة والأخلاق.

ويتساءل: "لماذا يريد البعض أن يجعلنا نعتقد أن ثقافتنا غير متوافقة مع الإسلام؟ لماذا ينشرون أيديولوجية تشوه كلاً من إيماننا وتراثنا؟"

يرفض النائب الغيني أي محاولة لمحو هويتنا الثقافية بحجة الدين. لكنه يرفض أيضاً أولئك الذين، تحت ستار الحداثة والتعبير الفني، يشجعون على الانحلال وفقدان القيم. ويستشهد بحديث النبي: "لكل دين خُلُق، وخُلُق الإسلام الحياء" (سنن ابن ماجه، 4181).

ويؤكد أن "الفن والثقافة والإبداع يجب أن تكون أدوات للارتقاء، وليس وسائل للفساد أو انحلال الأخلاق".

يقدم مامادو توغ مثالاً بالمملكة العربية السعودية، حيث يحتل الدين مكانة مركزية. فرغم ذلك، تحظى بعض الرقصات التقليدية باحترام السلطات الدينية، طالما أنها تحافظ على بُعدها الثقافي والتاريخي دون التعارض مع مبادئ الإسلام. ومن أشهرها: العرضة، السامري، والخطوة.

يتساءل النائب: "إذا كانت المملكة العربية السعودية تُثمّن رقصاتها التقليدية في إطار ديني، فلماذا يجب على غينيا أن تتنكر لرقصاتها؟" ويشير إلى الرقصات التقليدية الغينية المتنوعة مثل:

  • اليانكادي، السولي والماكرو (غينيا السفلى)
  • الدوغا، الماميا، الدوندونبا، والكوندن (غينيا العليا)
  • الكيبيندو، التيابالا، الزيغي زيغيغي (غينيا الغابية)
  • التوبو سيسي، البودا، التيغي والجاء (غينيا الوسطى)

يختتم مامادو توغ بتأكيد أن "النقاش ليس دينياً فحسب، بل هو نقاش هوية. يتعلق الأمر بالحفاظ على توازن كان موجوداً دائماً بين إيماننا وثقافتنا".

ويستشهد بقول منسوب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم: "حب الوطن من الإيمان"، مؤكداً أن الإسلام لم يطلب قط من غينيا التنكر لهويتها الثقافية، وأن تقاليدنا ليست عائقاً أمام إيماننا، بل هي تعبير محترم ومتجذر عنه.

"توازننا هو قوتنا. فلندافع عنه" - هكذا يختم النائب ممثل الثقافة في المجلس الوطني الانتقالي رسالته الهامة للشعب الغيني، داعياً إلى التمسك بالقيم الثقافية والدينية معاً كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية الغينية.

تصنيف الخبر

محلية ، ثقافية