
في خطوة تاريخية ستظل محفورة بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ البرلماني لغينيا، اعتمد المجلس الوطني الانتقالي (CNT) مشروع الدستور الجديد بالإجماع يوم الأربعاء 9 أبريل 2025. وجاء هذا القرار التاريخي بعد مداولات اتسمت بالدقة والمسؤولية، حيث صوت جميع المستشارين الوطنيين الثمانين بالموافقة تحت قيادة رئيس المؤسسة البرلمانية، الدكتور دانسا كوروما.
يُكرس هذا العمل الرسمي تتويجاً لعملية شاملة ومتطلبة، استُرشدت بطموح نبيل واحد: تزويد البلاد بقانون أساسي يُشبه الشعب الغيني ويجمعه، وفقاً لدعوة رئيس الجمهورية، الجنرال مامادي دومبويا. ويمثل مشروع الدستور، الذي هو ثمرة عمل دقيق، تطلعات الشعب الغيني العميقة ويضع أسس إعادة بناء مؤسسي قوي ومستدام.
وقال عمر جابي، مدير إدارة التواصل والمعلومات بالمجلس الوطني الانتقالي: "إن هذا التوافق الملحوظ بين المستشارين الوطنيين يشهد على النضج السياسي والالتزام الوطني اللذين سادا في جميع الأعمال. فبغض النظر عن الانتماءات والأصول، كان هؤلاء بنات وأبناء غينيا، مكلفين بمهمة سامية، ناقشوا وصوتوا بمسؤولية وبروح الإصغاء على كل مادة وكل تعديل".
ساهمت مشاركة السكان خلال تعميم المشروع التمهيدي والتوصيات المقدمة من لجنة الخبراء المكلفة بمراجعة النص في تحسين عمل الهيئة التشريعية الانتقالية. ولم تشب أي مجاملة المناقشات، حيث كانت المصلحة العليا للأمة هي المرشد الوحيد للمداولات.
والإجماع الذي تم التوصل إليه لا يعكس توحيداً للفكر، بل تقارباً في القناعات حول نص يحمل المستقبل. ومن خلال تصويتهم التاريخي، أثبت المستشارون الوطنيون أنه من الممكن، في ظل الانسجام والاحترام المتبادل، بناء أسس غينيا الجديدة معاً.
سيُعرض مشروع الدستور الذي اعتمده المجلس الوطني الانتقالي، رهناً بموافقة رئيس الجمهورية، على استفتاء شعبي في 21 سبتمبر 2025. وفي انتظار هذه المرحلة الديمقراطية النهائية، يمكن لغينيا أن تفخر بأنها قطعت، بوحدة وكرامة، مرحلة حاسمة من تاريخها.
في أعقاب اعتماد مشروع الدستور الجديد، أثير تساؤل يثير الكثير من التكهنات: ما هي مدة الولاية الرئاسية المقبلة؟ وفقاً لمصادر مطلعة، فإن لجنة الخبراء المكلفة بمراجعة النص قد اقترحت تمديد فترة الولاية الرئاسية من خمس إلى سبع سنوات.
وجاءت هذه التوصية استجابة لبعض الاقتراحات التي تم جمعها خلال مرحلة تعميم المشروع التمهيدي، خاصة في داخل البلاد. ويبدو أن هذه المقترحات، التي عبر عنها المواطنون خلال المشاورات التي أجراها مبعوثو المجلس الوطني الانتقالي، قد أثرت على قرار اللجنة.
وعندما سُئل عن المدة الدقيقة للولاية الرئاسية، ظل رئيس لجنة الدستور والقوانين العضوية والإدارة العامة والتنظيم القضائي في المجلس الوطني الانتقالي متحفظاً، قائلاً: "لا يُسمح لي بإعطاء الأولوية لهذه المعلومة. هذا من اختصاص رئيس المجلس الوطني الانتقالي، الذي سيتواصل بشأن ذلك. لن أحل محله".
يُذكر أن المجلس الوطني قد اعتمد في جلسة مغلقة مشروع الدستور الجديد بعد دمج 334 توصية نابعة من المشاورات الشعبية، مما يؤكد على الطابع التشاركي والشامل للعملية.