
أثار قرار العفو الرئاسي الذي منحه الجنرال مامادي دومبويا للرئيس الأسبق موسى داديس كامارا موجة استنكار واسعة بين منظمات حقوق الإنسان والضحايا، معتبرين إياه انتكاسة خطيرة لمسار العدالة في البلاد.
وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الغينية الجنرال عمارا كامارا قد أعلن يوم الجمعة 28 مارس عبر التلفزيون الوطني عن مرسوم يمنح موسى داديس كامارا عفواً رئاسياً لأسباب صحية. وأكد محامي داديس كامارا في اليوم التالي مغادرة موكله للسجن المركزي في كوناكري مساء 28 مارس.
وعبرت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة الغينية للدفاع عن حقوق الإنسان ورابطة ضحايا المذبحة عن "صدمتها العميقة وعدم فهمها" لهذا القرار الذي "يعرض للخطر مسار العدالة الجاري حالياً ويمثل استخفافاً بضحايا مذبحة 28 سبتمبر 2009".
وكان داديس كامارا قد حُكم عليه بالسجن 20 عاماً لارتكابه جرائم ضد الإنسانية لمسؤوليته المباشرة في المذبحة التي راح ضحيتها 156 شخصاً على الأقل وتعرضت خلالها أكثر من مئة امرأة للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي.
وقال المحامي ألفا أمادو دي إس باه، رئيس المنظمة الغينية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنسق تحالف المحامين الممثلين للضحايا: "هذا العفو يثير استغراباً كبيراً لدى الضحايا لأنه يوقف فعلياً مسار العدالة ويبدو متناقضاً تماماً مع مبادئ الفصل بين السلطات وحسن إدارة العدالة".
وأضافت أسماو ديالو، رئيسة رابطة ضحايا المذبحة: "لمدة 22 شهراً، وبالرغم من الصعوبات التي واجهتها هذه المحاكمة الاستثنائية، ظل الضحايا متحمسين ومحتفظين بالأمل في رؤية هذا العمل القضائي يصل إلى نهايته لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة والتعويض".
واعتبر المحامي دريسا تراوري، الأمين العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أن "هذا العفو يرسل إشارة كارثية تُظهر استخفافاً بالمبادئ الأساسية للعدالة والمسؤولية ومكافحة الإفلات من العقاب"، مشدداً على أن "ذكرى الضحايا واحترام حقوق الإنسان ومطلب الحقيقة لا يمكن التضحية بها على مذبح الاعتبارات السياسية".
ويشار إلى أن مذبحة 28 سبتمبر 2009 وقعت عندما تجمع متظاهرون سلميون في الملعب الكبير بكوناكري للمطالبة بانتقال ديمقراطي وإجراء انتخابات حرة، حيث قامت قوات الأمن والدفاع الغينية، بما في ذلك أفراد من الحرس الرئاسي، بتنفيذ مذبحة في ذلك اليوم والأيام التالية.
وتؤكد المنظمات الحقوقية أن قرار العفو يتعارض مع جميع التزامات غينيا الوطنية والإقليمية والدولية، بما في ذلك نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يتطلب من الدول ملاحقة مرتكبي الجرائم الخطيرة مثل الجرائم ضد الإنسانية.
وأعلنت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة الغينية للدفاع عن حقوق الإنسان ورابطة ضحايا المذبحة أنها "تؤكد من جديد التزامها بالعمل من أجل انتصار العدالة وتحتفظ بحقها في استكشاف جميع سبل الانتصاف القائمة، على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية".