
تشهد غينيا تحوّلاً نوعيًا في بنيتها التحتية الكهربائية، وذلك بفضل التقدم السريع لمشروع الربط الكهربائي مع جمهورية مالي، والذي يشكل جزءًا من برنامج أوسع للربط الإقليمي للطاقة تقوده الحكومة الغينية بدعم من شركائها التقنيين والماليين. هذا المشروع يرمز إلى ديناميكية غير مسبوقة في مجال تعزيز الوصول إلى الكهرباء، وخاصة في مناطق البلاد الداخلية التي طالما عانت من ضعف في التغطية الطاقية.
في هذا السياق، يعرف موقع محطة كانكان تطورًا ملحوظًا، حيث بدأت معدات ثقيلة في الوصول، من بينها محولات كهربائية عالية القدرة ومكونات رئيسية خاصة بالتوتر العالي، إلى جانب تجهيزات حيوية أخرى مثل وحدة المفاعلة الكهربائية. أما في محطة كيرواني، فقد بلغ تركيب المعدات مستوى متقدمًا، ويتم وفق الجدول الزمني المخطط له، مما يعكس الانضباط والدقة في التنفيذ.
وفي خطوة موازية لتعزيز قدرة التحمل الطاقي في منطقة سيغيري، التي تُعد من المناطق الاقتصادية المهمة في البلاد، يتم حاليًا إنشاء محطة حرارية بطاقة 16 ميغاواط، ما يعزز بشكل كبير مرونة شبكة الكهرباء ويقلل من الانقطاعات في هذه المنطقة الاستراتيجية.
ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه والمحروقات، فإن نسب الإنجاز التراكمية حتى نهاية مارس 2025 تؤكد أن المشروع يسير نحو الاكتمال بوتيرة قوية:
- خط كالباتارو (كانكان – نزيريكوري): 80٪
- المقطع L5-1 (كانكان – كيرواني): 84.57٪
- المقطع L5-2 (كيرواني – نزيريكوري): 76.58٪
- المقطع L5-2 (كيرواني – بيلا): 67٪
- المقطع L5-2 (بيلا – نزيريكوري): 83٪
هذه الأرقام، كما أشارت الوزارة، تعكس ليس فقط جودة التخطيط والتنفيذ، بل أيضًا العزم الحكومي على تمكين المواطنين من التمتع بخدمات أساسية مستدامة، وفي مقدمتها الكهرباء، التي تعتبر حجر الزاوية لأي مشروع تنموي حقيقي.
وزير الطاقة، السيد أبوبكر كامارا، أشاد بجهود الشركات المتعاقدة، والفرق التقنية والمهندسين الذين يواصلون العمل رغم الظروف الصعبة، من أجل احترام الآجال التعاقدية وتحقيق الأهداف المسطرة.
ومع تسارع وتيرة التوصيل الكهربائي في منطقة أعالي غينيا، يلوح في الأفق أمل جديد بتنمية أكثر عدلاً وتوازناً، حيث ستساهم الكهرباء في دعم القطاعات الإنتاجية، وتحسين جودة حياة السكان، وجعل المناطق الداخلية أكثر جاذبية للاستثمار.
هذا المشروع لا يرمز فقط إلى تقدم تقني، بل يمثل رؤية وطنية استراتيجية نحو غينيا متصلة ومتطورة ومستعدة لتكون ركيزة أساسية في شبكة الطاقة الإقليمية لغرب إفريقيا.